لهذه الصفة الحميدة فوائد نفسية, وفكرية، واجتماعية...
أما الفوائد النفسية، فإنَّ المتحدث عندما يجد من يصغي له بجد, ويشاركه في أفكاره, أو مشاكله فإنَّ ذلك يحقق له راحة نفسية كبيرة، وأما بالنسبة للمستمع فإنَّه يُكفى مؤونة الكلام.
وأما الفوائد الفكرية، فإنَّ المستمع الجيد يضيف إلى علمه علماً جديداً، وأفكاراً جديدة قد يحصل عليها ممن هو أقل منه فضلاً عمن هو أفضل منه علماً ومعرفة.
وأما الفوائد الاجتماعية، فإنَّ المستمع الواعي يستطيع أن يكتشف شخصية المتحدث من خلال حديثه, وقسمات وجهه وحركاته, وما في تلك الشخصية من قوة, أو ضعف, وما تحمل من أفكار وعقائد، وما تضمر في داخلها من أهداف، وبذلك يجد مفاتيح الدخول إليها، فكلام الإنسان يفصح عن باطنه، وهو كاشف عن مكنونات نفسه، وقد قال أمير المؤمنين (ع): (ما أضمر أحد شيئاً إلا ظهر في فلتات لسانه، وصفحات وجهه)
وقيل: (العين والوجه واللسان أصحاب أخبار على القلب)
وأبلغ كلمة قيلت في هذا الباب، ونالت إعجاب العلماء, والأدباء, والحكماء, حتى قال فيها ابن أبي الحديد: (هذه إحدى كلماته (ع) التي لا قيمة لها, ولا يقدر قدرها، ما قاله سيد البلغاء وإمام الحكماء علي (ع): (تكلموا تعرفوا، فإنَّ المرء مخبوء تحت لسانه)
ويقول (ع): (المرء يوزن بقوله, ويُقَوَّم بفعله، فَقُلْ ما تَرَجَّحَ زِنَتُهُ (زينته)، وافعل ما تجِلُّ قيمته)
فإذن يمكن للمستمع أن يفهم المتحدث، وما تنطوي عليه نفسه من أفكار، وأهداف، ومفاهيم، وفي فهم الشخص المقابل فوائد جمة لا تعد ولا تحصى.
يقول العلامة الطباطبائي: (فالكلام من غير جهة الدلالة اللفظية الوضعية حامل لطبيعة نفس المتكلم من إيمان أو كفر أو غير ذلك)
ومن الفوائد الاجتماعية أنَّ المصغي الجيد يكتسب احتراماً وتقديراً لدى المتكلم، وبذلك يترك في نفسه أثراً طيباً ، وهذه من أهم معطيات حسن الإصغاء