نعيب زماننا والعيب فينا
عندما تضيق بنا الحياة وغالبا ما تضيق نتوق إلى مكان آخر غير مكاننا ولكن على الأغلب ما نتوق إلى زمان آخر وهو الماضي.
ولهذا لا نعجب من شخص قال قبل مئات السنين يا لهذا الزمان ؟ أين أيام زمان، ولا تسألوا لماذا ضاق المتنبي والمعري وأبو فراس الحمداني من زمانهم وتمنوا العودة إلى الوراء لأن المشكلة ليست في الزمان وإنما المشكلة فينا،
نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا
وصحيح أن هناك تغيرات بين جيلين ولكن لا يعني ذلك أن زمن أفضل من زمن حتى وان كنا في عصر التكنولوجيا واختصار المسافات وبنفس الوقت لم يكن الماضي بريء من الهموم والمتاعب فلكل زمان مسراته ومتاعبه، وشعور الناس أن الماضي أفضل خاصة ممن عاصروا جيلين لا يعني بالضرورة أن الماضي أفضل حتى بالنسبة لهم ولكن ما يحدث هو أننا نتذكر الخبرات السارة أكثر من الخبرات غير السارة ولهذا يكون الماضي جميل والطفولة سعيدة كما أن الماضي بالنسبة للإنسان في سن الكهولة يعنى الشباب والصحة والجاذبية الذي ربما فقدها في عمره الحالي، هذا بالإضافة إلى أن التغير في العادات والسلوكيات وانعكاس التغيرات العصرية بصورة عامة لها دور كبير في الشوق لما اعتاده الإنسان المخضرم فالتغيرات السريعة سببا رئيساً في سوء التوافق ولكن أيضاً نعود ونقول أن السبب في كل الأحوال لا يعود للزمن حتى وإن كان هو المتغير ولكن السبب هو الإنسان الذي لا يتوافق مع التغيرات وبالتالي يحكم عليها بالسلبية.
هذا الحديث بصورة عامة يخص معظم الناس فهم يتذكرون المسرات أكثر من المضرات، ولكن توجد فئة قليلة لها ظروفها الخاصة التي تجعلها تحكم على الماضي أنه أسوءا من الحاضر.
ويأتي حكم الناس على الماضي من خبراتهم الخاصة وتفاعلهم مع ظروف زمنهم، لهذا عندما نسأل بعض الناس لماذا الماضي أحسن من الحاضر سنجد إجابات متعددة حسب الخبرة المؤثرة في تاريخه النفسي فقد يركز شخص ما على الجانب المادي وآخر على الجانب العاطفي وآخر على الجانب الاجتماعي الخلقي وآخر على الجانب الشكلي (الموضة) وهكذا حسب نمط الشخصية اهتماماتها.
ولهذا فإننا نحتاج إلى أن تقوم مؤسسات الدولة المختلفة (التربية الإعلام الثقافة ال …) بواجباتها الإرشادية والخدمية التي تساعد الناس على تقبل التغيرات وتمكنهم وتهيئهم على مواجهتها الذي ينعكس على الرضا العام فالشعور بالمعانها المادية والفكرية تجعلهم يسخطون على زمانهم.